قيمة NVIDIA السوقية تتجاوز 5 تريليون دولار – هل نعيش فقاعة AI؟

في إنجاز غير مسبوق في عالم المال والتكنولوجيا، أصبحت NVIDIA – انفيديا أول شركة في التاريخ تتجاوز قيمتها السوقية الـ 5 تريليون دولار. لتتربع رسميًا على عرش الشركات الأعلى قيمة في العالم، متجاوزة بذلك شركات عملاقة مثل مايكروسوفت وآبل وميتا وجوجل.
هذا الرقم الضخم الذي تصل إليه شركة لأول مرة في التاريخ ليس مجرد قفزة سوقية عادية، قد تمر مرور الكرام. بل يعكس القوة الضخمة لسوق الذكاء الاصطناعي الذي كان سبب انطلاق انفيديا بسرعة الصاروخ نحو القمة.
وبالفعل هناك بعض المخاوف من هذه الزيادة السريعة في قيمة NVIDIA السوقية خلال السنوات القليلة الماضية.
بالفعل فردت صحيفة نيويورك تايمز مقالًا تناقش فيه تحديات ومخاوف الفترة القادمة في ظل التطور السريع للذكاء الاصطناعي وتأثيره على اقتصاد الشركات الكبرى.
يقول مقال نيويورك تايمز الأخير، أن ما يثير الإعجاب هو التحول المذهل الذي شهدته NVIDIA خلال عقد واحد فقط. فبعد أن كانت شركة معروفة ببطاقاتها الرسومية الموجهة للألعاب والجيمرز. أصبحت اليوم لاعبًا محوريًا في مستقبل الحوسبة والعمود الفقري في مجال الذكاء الاصطناعي.
في السطور التالية نناقش معكم أسباب قفزة قيمة NVIDIA السوقية. والأهم من ذلك مدى مصداقية هذه الزيادة الضخمة وهل هي زيادة حقيقية أن مرجد فقاعة تكنولوجيا جديدة قد تنفجر في أي وقت؟!
قيمة NVIDIA السوقية

تعود هذه القفزة التاريخية في قيمة NVIDIA السوقية إلى الطلب الهائل على شرائح الذكاء الاصطناعي التي تنتجها الشركة. وأصبحت القلب النابض للمراكز السحابية وشركات التكنولوجيا حول العالم.
ومع تصاعد سباق تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، لا تكاد توجد شركة كبرى في القطاع لا تعتمد على معالجات إنفيديا لتشغيل خوارزمياتها.
وخلال حدثها السنوي للمطورين، أعلنت NVIDIA وجود طلبات هائلة على معالجاتها المخصصة للذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليار دولار.
هذا بجانب خططها لبناء سبعة حواسيب عملاقة جديدة لصالح وزارة الطاقة الأميركية. كما أبرمت الشركة صفقات لبيع معالجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها إلى عدد من البلدان مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية واليابان.
كل هذه المشروعات والتعاقدات، قفزت بسهم الشركة الأمريكية خلال الأسابيع الماضية إلى السماء لتصل قيمة الشركة الإجمالية الحالية 5 تريليون دولار.
أرقام خيالية وقلق متزايد من فقاعة AI

زيادة قيمة انفيديا السوقية لم تأتَ في يوم وليلة، بل كانت نتيجة قفزات متتالية. دفعت المستثمرين مع كل قفزة إلى ضخ المزيد من الأموال في رأس مال الشركة.
وخلال عام واحد فقط ارتفعت قيمة أسهم الشركة بنسبة 250%، في واحدة من أسرع موجات الصعود في التاريخ!
لكن مع هذا النجاح الأسطوري هناك مخاوف كثيرة وقلق متزايد حول حدوث فقاعة تكنولوجية جديدة. مثل تلك التي حدثت في مطلع الألفية وعُرفت باسم فقاعة “الدوت كوم”.
وأبدى عدد كبير من المحللين قلقهم من تضخم تقييمات شركات التكنولوجيا الكبرى محذرين من فقاعة AI شبيهة بفقاعة “الدوت كوم”.
لكن ما هي فقاعة الدوت كوم وما حجم الأضرار التي نتجت عنها؟

بالعودة إلى الفترة الزمنية ما بين 1995 و2001، شهد الاقتصاد العالمي انهيارًا ضخمًا بسبب ما يعرف بفقاعة الدوت كوم أو فقاعة الإنترنت.
حيث شهدت شركات الإنترنت الناشئة نموًا هائلًا في قيمتها السوقية دون أن تمتلك أرباحًا أو نماذج عمل ثابتة. وذلك بعدما اندفع المستثمرون لشراء أسهم أي شركة تحمل في اسمها امتداد “.com”، مدفوعين بحماس كبير تجاه الإنترنت والثورة الرقمية القادمة.
ومع الوقت، ارتفعت أسعار الأسهم إلى مستويات غير واقعية. قبل أن يكتشف السوق أن معظم هذه الشركات لا تحقق عوائد حقيقية!
فانفجرت الفقاعة بشكل مفاجئ عام 2000، ما أدى إلى انهيار واسع في أسواق المال وخسائر بلغت تريليونات الدولارات. وشكّلت تلك الأزمة درسًا قاسيًا حول خطورة المبالغة في تقييم شركات التكنولوجيا قبل أن تحقق أرباح فعلية. ولا يزال يُضرب بها المثل حتى وقتنا الحالي وبعد مرور ما يقرب من 25 عامًا عليها.
قيمة NVIDIA بين الحقيقة والخيال
والآن ونحن نرى الزيادة المبالغ فيها لقيمة الشركات التكنولوجية المطورة للذكاء الاصطناعي، وضخ المستثمرين الأموال في هذا المجال دون تفكير على أمل الاستفادة من هذه التكنولوجيا المتسارعة. يبدو المشهد أشبه بفترة ضخ المستثمرين الأموال بجنون في مطلع الألفية.
الوضع الآن أصبح أشبه برهان على مستقبل الذكاء الاصطناعي، إذا نجح الأمر واستطاعت الشركات تحقيق أرباح كافية للمستثمرين ومتماشية مع حجم قيمتها السوقية قد يمر الأمر على خير.
وهو الجانب الذي يميل إليه بعض المحللين الذين يرون أن NVIDIA لا تعيش على الضجة الإعلامية فحسب. بل تبني واقعًا جديدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي بصفته قوة اقتصادية حقيقية ستعيد تشكيل الصناعات العالمية.
لكن يبقى الحذر والقلق أمر واجب النظر إليه ولا يمكن تجاهله.
أخيرًا، تجاوز قيمة NVIDIA السوقية حاجز الخمسة تريليون دولار ليس مجرد رقًا عاديًا، بل رمزًا لعصر جديد يقوده الذكاء الاصطناعي. حيث لم تعد القيمة تأتي من الموارد التقليدية أو النفط، بل من القدرة على معالجة البيانات وتطوير العقول الرقمية.
ومع استمرار سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي، يبدو أن ما حققته NVIDIA قد يكون مجرد بداية لفصل جديد في تاريخ الاقتصاد العالمي. فصل ستكتب سطوره شركة بدأت من شرائح الألعاب وانتهت بصناعة المستقبل!